الفكرة الأساسية للتداول هي توقع والتحرك وفق تحركات الأسعار في سوق ما. عندما يجني المتداولون الأرباح من انخفاض سعر أحد الأصول، يُعرف ذلك بالبيع على المكشوف. وبالرغم من المخاطر، فإن المتداولين ذوي الخبرة غالبًا ما يفضلون البيع على المكشوف في أسواق العملات المشفرة نظرًا لإمكانيتها في تحقيق عوائد كبيرة.

في هذه المقالة، نستكشف دور التداول بالهامش والعقود الآجلة، وتكتيكات البيع على المكشوف، واستراتيجيات فعّالة للتعامل مع هذه الفرص.

أهم النقاط الرئيسية

• للاستفادة من انخفاض الأسعار، يعني البيع على المكشوف اقتراض وبيع أصول مشفرة، ثم شراؤها مرة أخرى بسعر أقل.

• تُعد عقود الفيوتشرز والتداول بالهامش والبيع المباشر على المكشوف والتوكنات ذات الرافعة المالية أو صناديق المؤشرات العكسية من استراتيجيات البيع على المكشوف الشائعة.

• تحديد أهداف سعرية واضحة وإدارة المخاطر وتجنب الرافعة المالية الزائدة يقلل الخسائر بفاعلية.

ما هو الشراء والبيع على المكشوف في تداول العملات المشفرة؟

في التداول، البيع على المكشوف هو اقتراض أصل وبيعه بالسعر الحالي، ثم شراؤه لاحقًا بسعر مخفض. ربح المتداول هو الفرق بين سعر البيع وسعر إعادة الشراء. يستخدم المتداولون هذه التقنية في بيع العملات المشفرة على المكشوف للأصول الرقمية.

وعلى العكس من ذلك، فإن شراء أصل مع الأمل في ارتفاع قيمته وبيعه لاحقًا لتحقيق الربح يُعرف بـ مركز الشراء (اللونج). لنفترض أنك تعتقد أن سعر العملة X سيرتفع في المستقبل. لذا، تشتري 10 وحدات من X بسعر 20 دولارًا لكل واحدة. إذا ارتفع السعر إلى 30 دولارًا، يمكنك بيع الـ10 وحدات وتحقيق ربح قدره 100 دولار. هذا هو مفهوم "اللونج" في التداول.

بسبب التقلبات والبنية اللامركزية لسوق العملات المشفرة، يختلف البيع على المكشوف فيها عن البيع على المكشوف في الأصول التقليدية مثل الأسهم أو الفوركس. تفتقر سوق العملات المشفرة إلى جهة مركزية رقابية، مما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات الحادة والاتجاهات المفاجئة مقارنة بالأسواق المالية التقليدية.

يلجأ المتداولون إلى البيع على المكشوف للعملات المشفرة للاستفادة من انخفاض الأسعار أو عند توقع مزاج سوق هابط. وبسبب تقلبها، غالبًا ما تُقدم العملات فرصًا للمتداولين المتمرسين لتنفيذ مراكز بيع على المكشوف. كما يستخدم العديد من المتداولين البيع على المكشوف كجزء من استراتيجيات تداول أوسع أو كتحوط ضد الخسائر في مراكز الشراء الخاصة بهم.

كيفية البيع على المكشوف للعملات المشفرة

المثال التالي يوضح البيع على المكشوف. تعتقد أن سعر العملة Y سينخفض مستقبلًا. تقوم باقتراض 100 من العملة Y ثم تبيعها بالسعر الحالي البالغ 0.50 دولار لكل واحدة. إذا انخفض السعر إلى 0.40 دولار للوحدة، يمكنك شراء 100 منها بالسعر المنخفض لإعادتها للمقرض. في هذه الحالة، ستحقق ربحًا قدره 10 دولارات.

منصات تداول العملات المشفرة تستخدم برامج إقراض تسمح للمتداولين بالاقتراض وفق شروط معينة. وإذا كنت تتساءل أين يمكنك البيع على المكشوف للعملات المشفرة، فهناك العديد من منصات التداول التي تدعم ذلك.

فيما يلي بعض المصطلحات الأساسية التي يجب معرفتها عند التداول على المكشوف:

• الرافعة المالية (Leverage): يستخدم المتداولون الأموال المقترضة لزيادة حجم الصفقة. على الرغم من أن الرافعة المالية تزيد الأرباح المحتملة، إلا أنها تزيد أيضًا من المخاطر.

• الهامش (Margin): الضمان الذي تطلبه المنصة لضمان الأموال المقترضة. تختلف متطلبات الهامش تبعًا للمنصة وحجم الصفقة.

• سعر التصفية (Liquidation Price): هو السعر المحدد الذي عنده تقوم المنصة بإغلاق الصفقة لمنع المزيد من الخسائر. يحدث ذلك عندما يتحرك سعر الأصل عكس المركز المكشوف بدرجة تتجاوز قدرة الهامش على امتصاص الخسائر.

طرق البيع على المكشوف للعملات المشفرة

هناك عدة طرق للقيام بالبيع على المكشوف للعملات المشفرة، ولنستعرض أبرزها:

باستخدام المشتقات المالية

إن عقد الفيوتشرز هو التزام بشراء أو بيع كمية معينة من العملات المشفرة بسعر محدد لاحقًا. من خلال الدخول في سوق العقود الآجلة لبيع الأصل الأساسي بسعر محدد مسبقًا، يمكن للمتداولين البيع على المكشوف والاستفادة إذا انخفض السعر قبل انتهاء صلاحية العقد.

تُسهل العديد من البورصات المعروفة التداول في العقود الآجلة. عبر تداول الخيارات، يمكن للمتداولين الحصول على الحق -وليس الالتزام- في بيع العملة المشفرة ضمن إطار زمني وسعري محدد. وبسبب المخاطر المحتملة، غالبًا ما يستخدم المتداولون المتقدمون هذه الاستراتيجيات التي تنطوي على تداول المشتقات.

التداول بالهامش

يعني التداول بالهامش اقتراض أموال لزيادة حجم الصفقة. يمكن للمتداولين فتح مركز بيع على المكشوف عبر اقتراض الأموال وبيع العملة المشفرة ثم إعادة شرائها بسعر أقل. يتم حساب الربح على أنه الفرق بين سعر البيع وسعر إعادة الشراء.

يتطلب التداول بالهامش الاحتفاظ بحساب هامش يتضمن شروطاً خاصة بالهامش وأسعار فائدة على الأموال المقترضة. يزيد التداول بالهامش من الأرباح المحتملة والمخاطر في آن واحد. 

البيع المباشر على المكشوف

تسمح بعض المنصات للمتداولين باقتراض وبيع الأصول المشفرة مباشرة. في هذه الاستراتيجية، تقترض أموالًا أو أصولًا مشفرة من مقرض، وتبيعها، ثم تعيد شراءها بسعر أقل لإرجاع القرض. يتطلب البيع المباشر على المكشوف منصة تداول تدعم الاقتراض والبيع على المكشوف. رغم أن هذه الطريقة تتجنب التداول في العقود الآجلة، إلا أنها تتضمن تكاليف إضافية مثل رسوم الاقتراض ومشكلات السيولة.

التوكنات ذات الرافعة المالية وصناديق المؤشرات العكسية (Inverse ETFs)

صُممت التوكنات ذات الرافعة المالية والصناديق العكسية للتحرك عكس اتجاه حركة أسعار الأصول المشفرة الأساسية. تمكن هذه المنتجات المتداولين من الاستفادة من انخفاض أسعار العملات المشفرة دون الحاجة لاقتراض الأموال أو بيع الأصول.

رغم أن التوكنات ذات الرافعة المالية تزيد المخاطر، فإنها توفر تعرضًا أكبر لتقلبات السوق. عادةً ما تُستخدم هذه الأدوات كجزء من استراتيجيات تداول معقدة ومتاحة في بعض بورصات العملات المشفرة.

معلومة سريعة

يُعتقد أن التاجر الهولندي إسحاق لو مير، وهو مساهم في شركة الهند الشرقية الهولندية، قد ابتكر مفهوم البيع على المكشوف حوالي عام 1609. أما مصطلح "البيع على المكشوف" فقد استخدم منذ منتصف القرن التاسع عشر على الأقل.

مزايا ومخاطر البيع على المكشوف

هناك العديد من الفوائد للبيع على المكشوف للعملات المشفرة، لنذكر بعضها:

• يتيح البيع على المكشوف للمتداولين الاستفادة من أوضاع السوق الضعيفة وجني الأرباح من انخفاض الأسعار.

• يمكن أن تغطي مراكز البيع على المكشوف الخسائر المحتملة في محفظة العملات المشفرة الأوسع.

• توفر تقلبات سوق العملات المشفرة العديد من الفرص لاستراتيجيات التداول قصيرة المدى.

• يُمكن للمتداولين استخدام مجموعة متنوعة من استراتيجيات البيع على المكشوف بفضل توفر منصات وأدوات مختلفة.

• يمكن للمتداولين التنبؤ بحركة الأسعار دون الحاجة لامتلاك الأصل الأساسي.

• يمكن للبيع على المكشوف تقليل مخاطر المحفظة الإجمالية وتنويع استراتيجيات الاستثمار.

ومع ذلك، فإن التداول على المكشوف له سلبيات تماثل فوائده. إذا ارتفع سعر العملة المشفرة، فقد يخسر البائعون على المكشوف أموالهم بلا حدود. وبسبب التقلبات المفاجئة في سوق العملات المشفرة، قد تؤدي القفزات السعرية المفاجئة إلى خسائر مالية كبيرة. كما تؤدي الرافعة المالية إلى تضخيم هذه الخسائر، حيث قد تؤثر تحركات سعرية بسيطة بشكل كبير على حساب الهامش.

غالبًا ما يتطلب البيع على المكشوف اقتراض أموال أو أصول، ما يعني تكبد تكاليف إضافية مثل رسوم الإقراض. إضافة إلى ذلك، فإن العديد من المنصات تفرض رسومًا تنافسية، مما يزيد من تكاليف التداول. كذلك، يتطلب البيع على المكشوف عادةً تداولات بالهامش، مما يستدعي التزامًا مبدئيًا. وفي حال عجز المتداول عن الوفاء بمطالب الهامش، فقد يتعرض لتصفية مراكزه.

لا تدعم جميع المنصات البيع على المكشوف، لذا يجب على المتداولين العثور على بورصة توفر بدائل استراتيجية تداول متقدمة. تخضع أرباح البيع على المكشوف للضرائب على الأرباح الرأسمالية، مما يقلل من صافي الأرباح حتى في حالات النجاح.

يعد البيع على المكشوف للعملات المشفرة باستخدام تداول المشتقات، مثل العقود الآجلة وخيارات التداول، عملية معقدة تتطلب بحثًا معمقًا وتحليلًا فنيًا. عمومًا، تناسب هذه الاستراتيجية المتداولين ذوي الخبرة. كما توجد مخاطر إضافية تتعلق بالجهة المقابلة، في حال عجز منصة أو وسيط عن توفير الأموال أو الأصول المقترضة.

نصائح للبيع على المكشوف للعملات المشفرة

قبل البيع على المكشوف لبيتكوين أو غيرها من العملات المشفرة، يجب إجراء بحث دقيق. يتضمن التحليل الفني دراسة الرسوم البيانية والمؤشرات لتحديد الاتجاهات والتحركات المحتملة. بينما يشمل التحليل الأساسي دراسة الطلب في السوق وحجم التداول والاتجاهات الاقتصادية العامة. كما أن مراجعة الأداء السابق مهمة، على الرغم من أنها لا تضمن النتائج المستقبلية. 

حدد هدفًا سعريًا محددًا

يحتاج البيع على المكشوف الفعال إلى تحديد هدف سعري واضح. يجب على المتداولين تحديد نقاط الدخول والخروج بناءً على التوقعات السعرية لإدارة المخاطر. يضمن ذلك أن يتصرف المتداولون بشكل منهجي ويتجنبوا القرارات المتهورة. يضمن تحديد مستوى إيقاف الخسارة وجني الأرباح تنفيذ الصفقة وفق الخطة الاستثمارية المحددة.

تطبيق استراتيجيات إدارة المخاطر

عند البيع على المكشوف، تحمي استراتيجيات إدارة المخاطر من الخسائر الكبيرة. تقوم أوامر إيقاف الخسارة بإنهاء الصفقة تلقائيًا إذا تحرك السعر عكس مركز المتداول، بينما تحافظ أوامر جني الأرباح على الأرباح عند وصول الأسعار لمستوى محدد مسبقًا. 

تنويع الأدوات

تنويع الأدوات يساعد على توزيع المخاطر. باستخدام عقود الفيوتشرز، يمكن للمتداولين الاتفاق على سعر مستقبلي. كما تتيح التوكنات ذات الرافعة المالية تعرضًا لمراكز البيع على المكشوف دون الحاجة لصفقات هامش مباشرة. من جهتها، توفر الخيارات المرونة، إذ تسمح بالمضاربة على تحركات سعرية معينة دون امتلاك الأصل الأساسي.

راقب السوق بدقة

يتطلب العثور على الفرص مراقبة تحركات السوق وأسعار العملات. يمكن لأسواق التنبؤ أن تقدم رؤى حول التحركات السعرية المحتملة عبر دمج آراء المتداولين الآخرين. يتيح تتبع تغييرات الأسعار في الوقت الفعلي للمتداولين رصد الاتجاهات والانعكاسات والأنماط.

فهم التداول بالهامش

غالبًا ما يتطلب البيع على المكشوف تداولًا بالهامش. لفتح صفقات أكبر، يقترض المتداولون الأموال، لكن هذا ينطوي على مخاطر. يجب الحفاظ على رأس مال كافٍ في حساب الهامش للوفاء بالمتطلبات وتجنب التصفية الإجبارية.

تجنب الرافعة المالية المفرطة

تزيد الرافعة المالية المفرطة من مخاطر البيع على المكشوف. عند استخدام رافعة مالية عالية، تتضخم الأرباح والخسائر. وبالتالي، يشكل أي تحرك سلبي في السوق خطرًا كبيرًا. يجب استخدام الرافعة بحذر وعدم تعريض رأس المال لأكثر مما يمكن تحمل خسارته.

ضع في الحسبان الالتزامات الضريبية

تخضع أرباح بيع العملات المشفرة على المكشوف للضرائب على الأرباح الرأسمالية. يجب على المتداولين مراعاة الآثار الضريبية عند وضع خططهم الاستثمارية. قد تؤدي معدلات الضرائب المختلفة حسب الولاية القضائية إلى التزامات مفاجئة تخفض الأرباح الإجمالية.

الخلاصة

يُعد البيع على المكشوف استراتيجية تداول متقدمة تحقق أرباحًا من الانخفاضات السعرية. وهو عنصر أساسي لتنويع الاستراتيجيات. تنطوي هذه الطريقة على مخاطر عديدة، ويعد فهمها وتطبيق تقنيات إدارة المخاطر المناسبة أمرًا ضروريًا لتقليل الخسائر.

ضع خطة استثمارية واضحة وأجرِ بحثًا واسعًا قبل البدء في البيع على المكشوف. حافظ على تحديث معلوماتك، وقيم حالة السوق، وضع استراتيجية تداول تدير المخاطر بفاعلية.